مدينة بوراما، تقع في شمال الصومال، وهي تابعة لجمهورية أرض الصومال، أو صوماليلاند (بالصومالية)، وهي منطقة حكم ذاتي تقع في القرن الإفريقي، على شاطئ خليج عدن، وبالتحديد في شمال الصومال، وتَعتَبِر نفسها دولة مستقلة برغم عدم حوزها الاعتراف الرسمي من جانب الأمم المتحدة وأغلبية دول العالم، التي تعتبرها لا تزال تحت سيادة الصومال، وكان ذلك في عام 1991م، حيث أعلنت الحكومة المحلية بقيادة الحركة الوطنية الاستقلال عن بقية الصومال، وكان ذلك في 18 مايو من العام نفسه.
منذ ذلك الحين، أصبحت جمهورية أرض الصومال تمتاز بدرجة عالية من الاستقرار والأمن مقارنة ببقية أرض الصومال، عاصمتها مدينة هرجيسا، وتضم الصوماليلاند مدنا كثيرة منها هرجيسا وهي العاصمة وبوراما وبورعو وعيريجانو ولاس عانود وبربرة وغيرها.. تقع مدينة بوراما في الشمال على الحدود مع أثيوبيا، ويبلغ عدد سكانها 215,616 نسمة.
المحسنة الكويتية شيخة عبدالله الوقيان (أم عادل)، قبل خمسة عشر سنة قامت بالتبرع لبناء مسجد وفصلين دراسيين في مدينة بوراما. ربما حينها لم يكن يدر في خلدها ما يمكن أن يصبح عليه هذا التبرع أو مايمكن أن تحققه واقعا من خلال بناء فصلين ملحقين بالمسجد.. لكن العاملون بالرحمة العالمية يدركون حينها أهمية التعليم كأهمية المسجد، لذا كان النصح لها بأن يكون تبرعها بهذا الشكل.
مالم يكن حينها مشاهدا ومعلوما، أنه حين شراء قطعة الأرض لبناء المسجد والفصلين الدراسيين، كان الطلب من المحسنة شيخة الوقيان بأن تشتري قطعة أرض تفوق مساحة المسجد والفصلين ليتم بناء مشاريع مستقبلية توسعية عليها، خاصة مع رخص سعر المتر المربع، والذي حينها لم يكن يتجاوز 150 فلسا للمتر المربع الواحد، وحينها تم شراء أرض مساحتها 10,000 متر مربع للرحمة العالمية وبتبرع سخي وكريم من شيخة عبدالله الوقيان جزاها الله كل خير بقيمة 1,515 د.ك.
اليوم وبعد خمسة عشر سنة، قطعة الأرض هذه التي يعلو فيها صوت الأذان “الله أكبر” كل يوم خمس مرات، وتهوي إليه قلوب الناس هناك، نتساءل كيف أصبحت اليوم؟..
من الملهم أن نعرف أن مساحة الأرض هذه قد بارك الله بها ونمّا الصدقة تلك لتصبح مجموعة من المباني تقوم عليها (على أرض واحدة) وهي:
– مسجد بسعة 225 متر مربع.
– مدرسة ابتدائية ومتوسطة داخل سور قرية الإيمان (مجمع تنموي) في بوراما.
– مدرسة النور الثانوية النموذجية.
– مخبز آلي لصنع الخبز الفرنسي والكعك.
– مستوصف في منطقة الشيخ علي جوهر للأمومة والطفولة.
– ورشة للنجارة.
– دار للأيتام متكاملة تحوي مهاجع للنوم ومطبخ مركزي وصالة للطعام.
كانت زيارتي للمكان خلال عطلة مدرسية لذا لم يكن هناك طلبة في المدرسة أو دار الأيتام، لكن مع ذلك كانت جولتي ممتعة ومؤثرة لما رأيته من حسن إدارة وجودة في العمل واجتهاد في الأداء وتنوع في المنتجات.
المسجد:
من هنا بدأ الخير، فقد كان التبرع في أصله لبناء مسجد لحاجة الناس هناك لمكان للصلاة وتعلم أمور دينهم، والشعب الصومالي عموما متمسك بدينه لأبعد الحدود، فلازال الوالدين يحرصوا على أن يحفظ أبناءهم القرآن الكريم في الخلاوي، وإن تيسر ذلك في مسجد أو مدرسة فذلك لاشك أفضل، والرجال والشباب يحافضون على الصلوات في وقتها أينما كانوا.
مساحة المسجد 15م * 15م، ويسع 280 مصلي تقريبا.
دار الأيتام:
تتكون دار الأيتام من 14 مهجعا، ويقيم فيها في المجمع قرابة 150 يتيما، حيث تتم إعاشتهم وتقديم 3 وجبات غذائية يوميا، مع توفير سكن لهم في الدار، حيث يتوزع الطلبة على مهاجع ذات أسرة من طابقين، ويتسع المهجع الواحد لعدد 12 يتيم.
مساحة المطبخ 6م * 6م.
مساحة صالة الطعام 10م * 6.، وتسع لعدد 50 طالبا.
المدرسة:
مدرسة النور الابتدائية والمتوسطة: مساحتها 30م * 50م، وتتكون المدرسة من 9 فصول.
عدد الطلبة في المدرسة الابتدائية والمتوسطة 940 طالب وطالبة، حيث تمثل نسبة الطالبات 45٪.
مدرسة النور الثانوية النموذجية: حيث تم شراء قطعة الأرض لاحقا وبناؤها عليها. وهي تعتبر واحدة من 5 مدارس تم بناؤها حديثا بمجموع 9 مدارس في مدينة بوراما. وتقع على مساحة 30م * 40م، وهي تتكون من طابقين، وبها 16 فصلا، بالإضافة لمكتب إداري ومخزن.
عدد الطلبة في مدرسة النور الثانوية 925 طالب وطالبة (487 طالبة و438 طالبة).
تعمل مدارس النور فترتين صباحية ومسائية.
إجمالي عدد طلاب مدارس النور 1865 طالب وطالبة.
المخبز:
تم شراء المخبز من قبل المتبرع الكريم عبدالرحمن الخال بعام 2008م، ويتكون من لفاف وحلة العجين وأفران الخبز. ينتج في اليوم 4800 حبة من الخبز الفرنسي و 2200 حبة من الكيك. يتم بيع 80٪ من إنتاج المخبز في السوق، ويعتبر مصدر استثماري للأيتام حيث يمثل صافي الربح للمخبز من 2500$ – 3000$ شهريا، ويعمل فيه 25 عامل حتى الآن.
المستوصف:
المستوصف يقدم خدمات الأمومة والطفولة، وهو على مساحة 15م * 15م، ويحتوي على صيدلية ومختبر وعدد 2 غرفة معاينة وصالة ولادة، وهو ممول الآن من قبل هيئة أجنبية هي Save Children ، وقد كان من قبل يتم تمويله من قبل هيئة نصرانية إيطالية اسمها مارلين، حيث قامت هذه الهيئة بتمويل المستوصف لمدة 3 سنوات.
ورشة النجارة:
ورشة النجارة مساحتها 20م×10م يتدرب فيها 17 طالب. تنتج الورشة الأبواب والسرائر، حيث يتم إنتاج 25 باب في الشهر بسعر 75$ للباب الواحد، و 10 سرائر في الشهر بسعر 150$ للسرير الواحد.
وبذلك يكون حجم المبيعات السنوية عبارة عن 40500$ وتفصيلها كالأتى (25 باب×75$×12شهر = 22500$ ) + ( 10سرير × 150$ × 12شهر = 18000$ ).
وأنا أودع العاملين هناك وكلي فخر وإعجاب بما قام به أهل الكويت والخليج من جهود رائعة لأولئك الناس هناك في مدينة بوراما، تذكرت قوله تعالى: “ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير” سورة الأعراف 188، صحيح أن شيخة الوقيان قد قدمت مبلغا يعتبر كبيرا لديهم هناك، وقد تحقق منه نفع كبير جدا، لكن ماذا لو عاد بنا الزمن للوراء ونحن نرى نتيجة هذا الخير الذي قدمته وهذا الغرس الذي غرسته والذي تم سقيه من ماء العيون بعد سنوات عديدة، ماذا كنا سنقدم، وما حجم ما سنقدمه..
بالتأكيد سيكون عطاؤنا أكبر..
فربنا قد وعد بالأجر الوفير..
والناس هناك في حاجة كبيرة..
والعاملون الإداريون والميدانيون في الرحمة مجتهدون في بذل أقصى الجهد في استثماره وانتفاع الناس منه..